المشاركة الوجدانية للحجاج أو الحج: طرق وأساليب للأسرة ورياض الأطفال

قلم: أ.زهراء الدخيل

معلمة رياض أطفال ومدربة ومهتمة بعالمهم الجميل.

 

كيف نُضاعف معلومات أطفالنا عن الحج بصورة إبداعية؟

تتوالى علينا سنويًا فريضتان هامتان وعيدان: صوم رمضان يليه عيد الفطر، والحج يليه عيد الأضحى، إلَّا أننا نجد أن معلومات أبنائنا عن الصيام وعيد الفطر أكثر بكثير عن الحج، حتى إن البالغين الذين يحجون لأول مرة يهابون الحج ويخشون الوقوع في بعض الجهل بشرائعه ويشعرون بقلة معلوماتهم تجاهه.

وقد يكون منبع ذلك أننا مأمورون بالحج مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا، وبالصيام كل عام.

ولكن يبقى الحج فريضة عظيمة وفرصة للإنسان ليعود كما ولدته أمه، وهو تجربة لا تضاهيها أي تجربة أخرى في تبتل المسلم أيامًا للعبادة وانقطاعه عن الحياة اليومية.

ويُعاني الكثير من الناس من الخوف والرهبة أثناء ذهابهم لأداء فريضة الحج، خصوصًا لمن يذهب للمرة الأولى ويرى فيها الكعبة المشرفة، هل تساءلنا عن سبب جهل الكثير من الناس بأعمال الحج؟ ولماذا الخوف إلى هذا الحد؟

لو تحدثنا عن شهر رمضان والصوم، لوجدنا بحوزة أطفالنا الكثير من المعلومات الدينية، فضلًا عن التقاليد الاجتماعية الخاصة بهذا الشهر، لأنهم ألفوه منذ الطفولة وعرفوه عن قرب.

لهذا نحن بحاجة إلى الاهتمام أيضًا بموسم الحج، قد يجد الأهالي صعوبة في تعريف الأطفال بالحج، وأيضًا هذا ما تجده الكثير من معلمات رياض الأطفال، لهذا سنطرح في هذا المقال بعض الأفكار التي تساعد الأهالي ومربيات رياض الأطفال في إيصال هذه الفريضة للأطفال بما يتناسب مع أعمارهم الصغيرة.

في البداية يحتاج الأطفال في التعليم لما يثير انتباههم ويحفزهم لتقبّل المعلومات بطريقة أكبر وأسرع.

كأن نُثير الأطفال ببعض الأسئلة التي تدفعهم للتفكير والتوصل إلى إجابات مختلفة، مثل: نحن الآن في أي شهر؟ ماذا يفعل الناس في شهر ذي الحجة؟ هل تعرفون أين يذهبون؟، أو يمكننا عرض صورة للكعبة المشرفة وسؤالهم: ماذا ترون في هذه الصورة؟

من هنا يمكننا البدء مع الأطفال أو بطرق أخرى يجدها الأهل أكثر جاذبية وإبداع.

كما أنه من المهم جدًا أن يعرف الطفل الهدف من تعلم هذه المادة المطروحة له، أيًّا كانت المادة المطروحة، لأن معرفة الطفل بالهدف الذي لأجله يتعلم هذه المادة يجعله أكثر قابلية للتعليم وتقبل المعلومات المطروحة.

كأن يسأل الأب أو الأم أو المعلمة: تتوقعون لماذا نحن نتحدث عن الحج؟ أو برأيكم هل من المهم أن نتحدث عن الحج؟

من خلال الحوار مع الطفل وشغل تفكيره سيتوصل للهدف بمساعدة الأهالي وبالتالي سيسهل على الطفل المواصلة.

من جانب آخر لابد من إشراك الطفل في أي نشاط مقدم له، أو في أي تعليم أو سلوك نرغب بإيصاله للطفل.

يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس الخبر كالمعاينة، إنَّ الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل، فلم يلق الألواح، فلمّا عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت)).

ويقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: “قل لي وسوف أنسى، أرني وقد أتذكر، أشركني وسوف أفهم”.

عندما نستخدم مع الأطفال فقط الحديث سيحتفظ الأطفال بالقليل من المعلومات وربما بعد فترة لا يبقى شيء في ذاكرتهم، وحين نستخدم معهم الجانب البصري قد يتذكر الأطفال أيضًا جزءًا قليلًا جدًا من كل ما تم طرحه، لكن حين نشاركهم معنا سيحصل الأطفال على الفهم وستمتد بهم الذاكرة إلى مدة من الزمان.

 

كيف يمكننا مشاركة الأطفال؟

يستطيع الأهالي توفير لباس الإحرام للطفل، أو ارتداء ملابس بيضاء، وشرح للطفل كيف يلبس الحجاج الإحرام سواء الذكور أو الإناث، كما يمكن مشاركة الأطفال بصنع مجسم كبير للكعبة المشرفة بكرتون كبير، أو من خلال تجهيز مكان للتمثيل وجمع الجمار ورميها، كما يمكننا صنع خيمة معهم والحديث معهم عن عرفة، ومنى، والسعي.

نكون بذلك حققنا عدة أهداف من هذا النشاط، مارس الأطفال حقهم باللعب، وأثرنا مخيلتهم، وطورنا مهارة الفن لديهم، وحفزناهم على تقبل المعلومات بطريقة إبداعية.

كما يمكننا أن نختم بعمل فني آخر غير الخيمة ومجسم الكعبة، وهو صنع خروف بما يتوفر من مواد مختلفة، كالقطن وغيره، ومن خلال رسم خروف وتلوينه أو وضع القطن عليه.

عندما ننتهي من هذا النشاط، يمكننا فتح جهاز التلفزيون أو جهاز الحاسوب ونري الأطفال بعض المشاهد الخاصة بالحج.

نستطيع في اليوم نفسه أو في اليوم التالي استحضار بعض المعلومات مع الطفل، من خلال سؤاله مثلًا: ماذا صنعنا اليوم؟ أو ماذا صنعنا بالأمس؟

سيتحدث الطفل غالبًا عن لبس الإحرام ولونه الأبيض، عن الكعبة بلونها الأسود المختلف عن لون الإحرام، عن الخيمة، ورمي الجمار، السعي بين الصفا والمروة، وأخيرًا عن خروف العيد.

قد يجد الأهالي صعوبة أو قلة الوقت الكافي للقيام بكل هذا في يوم واحد، لهذا يمكن لهم تجزئة المعلومات والأنشطة على أيام مختلفة، كأن يكون كل يوم نشاط مُصاحب لعمل الحجاج في مكة.

كما نقترح عليكم هذه الأنشطة العائلية التي قد تساهم في رفع مستوى المشاركة الوجدانية مع الحجاج:

– ترديد التكبير في المنزل وتعليم الأطفال شعيرة التكبير وأهميتها.

– شرح معنى “لبيك اللهم لبيك”، والتي تعني إجابة بعد إجابة، أي أجيبك يا ربي مرة بعد أخرى، وفيها حمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله، واعتراف لله بنعمه كلها.

– الحديث مع الأبناء حول الحج ولماذا أمرنا الله بالحج.

– شرح معنى كلمة حج، وهو: “الحجّ في اللغة يعني القصد مُطلقًا، وحجه، يحجه، حجًا أي قصده، وحججت فلانًا أي قصدته، وقيل الحج هو: القصد المُعظم. أما الحجّ في الاصطلاح الشرعي فيُعرّف بأنّه: قصد المسلم لمَوضع مخصوص وهو البيت الحرام وعرفة، في وقت مخصوص وهو أشهر الحج، وذلك للقيام بأعمال مخصوصة؛ وهي الوقوف بعرفة والطواف والسعي عند جمهور العلماء، وبشروط مخصوصة”.

– عمل مجسمات مصغرة على طاولة في المنزل وتحريك هذه المجسمات يوميًا مع حركة الحجاج.

– الحرص يوميًا على مشاهدة تقارير الحج في التلفاز مع الأبناء والدعاء للحجاج بالسلامة والقبول.

– نؤكد أيضا على أهمية قصة النبي إبراهيم -عليه السلام-، وسردها في البداية أو النهاية بحسب ما يجده الأهالي مناسبًا لهم.

 

أخيرًا.. مع كل عام سيجد الأطفال حصيلة كبيرة من المعلومات الراسخة في أذهانهم، ومع مرور السنين عندما يوفقون في شبابهم للذهاب إلى مكة، ستكون لديهم محصلة كبيرة، وتقل لديهم حالة الخوف والرهبة من خلال رفع المشاركة الوجدانية لدى الأسرة بكاملها مع موسم الحج.

Scroll to Top