المملكة في عامها 89.. ليكن كل يوم يومًا وطنيًا

حالما يحل علينا اليوم الوطني ترتفع الشعارات يمينًا ويسارًا لتهتف بحب الوطن، ونحتفل نحن وأبناؤنا بهذا اليوم الحبيب، وتقدم المدارس برنامجًا خاصًا لهذا اليوم بهدف تعزيز المواطنة والانتماء.

الاحتفال باليوم الوطني والاحتفاء بهذه المناسبة المهمة أمر رائع، ولكن هناك سؤال مُلح: هل المواطنة حدث موسمي؟ وهل بالإمكان تنميتها لدى الأبناء ببرنامج خاطف وسريع؟ أم أن المواطنة تراكمات أخلاقية تبنى وتتكون لدى الأبناء من سلوكيات وحوارات متكررة في حياتهم اليومية؟

بالطبع سيميل الأغلبية إلى الاحتمال الثاني مما يقودنا لسؤال أكبر وأهم وهو: ما السلوكيات والحوارات العائلية التي يمكن أن تبني المواطنة الفعالة لدى الأبناء؟

وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض منها بهدف فتح أبواب للتفكير حول: كيفية تنمية المواطنة لدى الأبناء.

 

كن قدوة!

إن أول طريق لإكساب أبنائنا أي أخلاقيات أو سلوكيات، هو تمثّل هذا السلوك وتقديم قدوة صالحة لهم، فالأب والأم يستطيعان تعزيز المواطنة لدى أبنائهما دون نصح أو إرشاد، فقط بكونهما مواطنين صالحين، فمثلًا حينما يحافظان على الثروات الطبيعية والطاقة دون هدر لهما في حياتهما اليومية، ويوضحان لأبنائهما الهدف من ذلك منذ صغرهم، فهما يعززان لديهم أن هذا الوطن لهم وهو أمانة لديهم يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة.

وحينما يخلصان في أداء عملهما لأن الإخلاص خصلة إسلامية أمرنا بها، ولأن الإخلاص بالعمل نابع من الحب للوطن فقد قاما أيضًا بتعزيز المواطنة.

 

كن إيجابيًا!

أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة ذات قيم إيجابية عالية يكونون أكثر سعادة وأفضل أداءً في المدرسة.

ولكن ما دخل ذلك بالمواطنة؟

إن شعور الطفل بالإيجابية يفتح له أبواب التفاؤل بالمستقبل المشرق له ولوطنه، ويشعره أنه بالإمكان تحقيق أحلامه، أما حينما يشعر الطفل أن المستقبل أسود وأنه لا يوجد فرص مستقبلية له، فقد يعبّر عن إحباطه بالتخريب والتدمير لنفسه ولكل ما حوله، إن الإيجابية تشعر الأبناء بالأمان تجاه المستقبل مما يحفزهم للنجاح.

 

انتقد.. ولكن لا تهاجم!

هل المواطنة تعني ارتداء نظارات وردية طوال الوقت؟ في الحقيقة إن أفضل طريق للمواطنة هو النقد البنَّاء لا الهجوم، وحين يدار الحوار الأسري حول أخطاء مرئية، فأفضل أسلوب هو توضيح الخطأ وتبعاته وسبل إصلاحه والأهم من ذلك مساهمة كل فرد في الإصلاح.

 

اقرأ، ولتقرأ أسرتك..

إن القراءة من أهم مقومات المواطنة، فالقارئ الواعي لا يمكن خداعه بسهولة، وتربية التفكير الناقد لدى أبنائك يتم بالقراءة الواعية والنقاش حول المواد المقروءة.

إن القارئ الواعي لا يمكن استمالته بسهولة لأي فكر تخريبي، كما أن القارئ الواعي يقدّر أهمية المحافظة على أمن الوطن لبناء مستقبل أفضل.

اقرأ أكثر ولتقرأ أسرتك، فالوعي هو أهم مقومات المواطنة.

 

ليكن للكتب عن وطنك نصيب في مكتبتك المنزلية

قد تتفاجأ بعدد الكتب القيّمة والجميلة حول وطنك باختلاف مناطقه وتنوع تاريخه، تزود بهذه الكتب وليكن لها مكان في مكتبتك المنزلية، فمن أسباب ارتفاع شعور الأبناء بالمواطنة تعرفهم على وطنهم الشاسع، وتقبل الاختلاف البيئي والثقافي فيه، بل والافتخار بهذا التنوع، ولن يتحقق ذلك دون الاطلاع عليه من خلال الكتب والأفلام الوثائقية.

 

انبذ الطائفية والقبلية والمناطقية

بل وارفض أي حديث من أبنائك يتضمن أي منها، وضح لهم دائمًا خطرها على الوطن، وعوّد أبناءك على عدم قبول أو تبادل النكت والرسائل الجارحة لأي مواطن، ردد دائمًا أمامهم أن الوطن وحدة واحدة وأننا كمواطنين إخوة وشركاء في الوطن.

 

لتقف عندك!

مع انتشار وسائل الاتصال بين أيدينا أصبح انتقال الشائعات سهلًا وسريعًا، كن حازمًا وواضحًا بالتعامل مع الشائعات في أسرتك: لتقف عندك! وضح لأبنائك أن خير طريقة لخدمة الوطن هو وأد الشائعات بعدم تناقلها، بل ووضح لهم أن المسلم مطالب بعدم تكرار أي حديث لا يعرف مدى صحته فقد قال نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم-: “كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سمع” أخرجه مسلم.

 

تطوَّع وشجع أبناءك على العمل التطوعي

إن تراثنا المحلي يزخر بالنماذج الرائعة للعمل التطوعي، فقد كانت الحراسة والقبالة وكثير من الخدمات الاجتماعية يقوم بها متطوعون من أفراد المجتمع، العمل التطوعي ليس غريبًا ولا وافدًا علينا.

شجع أبناءك على العمل التطوعي بأن تقوم به بنفسك، ذكر نفسك وأكد على أبنائك أن قليلًا يدوم، خير من كثير يزول، وأن أهم صفات العمل التطوعي ديمومته وفائدته للمجتمع.

 

هذه بعض الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز المواطنة لدى أبنائنا، هناك بالطبع المزيد والمزيد، وخلال الحياة اليومية يجد الآباء والأمهات فرصًا عديدة يمكن اغتنامها لتعزيز المواطنة لدى الأبناء.

إن تعزيز المواطنة لدى الأبناء من أهم السبل لتنشئة طفل سعيد ومتوازن منفتح على الإمكانيات غير المحدودة للمستقبل.

Scroll to Top